كنت في منتدى فور شباب بينما وجدت موضوعا كتب من طرف أحمد أبو هيبة المدير التنفيذي لقناة فور شباب يتحدث عن الفرق بين الغناء و الانشاد كنت دائما أفكر في وضع موضوع يتناول هذه الفكرة لكنني لم اتمكن من صياغته و لما وجدته في ذاك المنتدى قررت نقله مباشرة , أعجبتني فكرته فهي تطابق ما كان يدور في بالي كي لا أطيل عليكم اليكم ما قال مع أنني حذفت البعض منه :
... وكان أول ما خطر ما نفسي أن أشارككم به هو ما عنونته "بين الغناء والانشاد" ، فقد لاحظت حجم الجدل الرهيب ما بين هاتين الكلمتين عند كثير من الأخوة والأخوات إلي حد ربما تصل لأن تكون الحد الفاصل بين أن يكون الإنسان ملتزما طائعا لربه أو أن يكون مجافيا لصراط الله حائدا عنها ...
وبالطبع يدرك الجميع أن الأهمية ليست في الكلمة ذاتها ، بل ما تحمله من دلالة ، وأعلم أن حتى البعض منا دار وراء الكلمة بغض النظر عن دلالتها وجرم كل من ينطق بكلمة غناء حتى لو كان يقصد كل مواصفات الالتزام رغم تصريح د.على العمري في حلقة من الآخر أن الأصل اللغوي والشرعي للكلمة هي الغناء وليس الإنشاد ، لكن عموما معروف أن الغالبية العظمى منا تفهم ما معنى الغناء والمقصود من وراءه وما معنى الانشاد والمقصود من وراءه ... هي مرادف للملتزم وغير الملتزم ...
هي تعريف لشكل التعبير الفني إن كان على منهج الله ورسوله ، أم هو مغاير لذلك ... وهنا توقفت للحظة ؟
إن كان هذا ما نعنيه حقا ، ففي ذلك دلالة خطيرة للغاية ... وما هي ؟ ... أننا يا أحباب قد قسمنا الفن قسمين ... قسم وهو "الانشاد" وهو يقصد به الفن الذي يراعي في كلماته وطرق تعبيره شرع الله وما أرسل به رسوله ... وهناك قسم آخر ... وهو "الغناء" ونقصد به ذلك النوع من الفن الذي لا يراعي في كلماته ولا طرق تعبيره شرع الله وهدي نبيه ... وهنا تكمن الخطورة ... غناءا كان أو انشادا ... فالفن يا أحبائي ليس نوعان ولا قسمان ... الفن فن واحد ... نوع واحد وقسم واحد .. هو ذاك الذي يرتقي بالحس والوجدان .. فينقل الانسان لآفاق عليا ترتقي به وبإنسانيته لا تنحدر به لمستوى غريزي منحط ... الفن واحد تم تعريفه منذ الأزل في مختلف الحضارات الانسانية التي بنيت على احترام خلق الانسان وفطرته فتعاملت مع الفن كمرادف للارتقاء ... وبالتالي يا أحبتي لا يوجد إلا فن واحد ... هو الذي يحترم عقلية الانسان وأخلاقه والتشريعات التي تنظم حياته ، فإن جاء شخص وأخرج لنا من جعبته ما يعارض ذلك ... فهو ليس فنا ... لا غناءا ولا انشادا ولا حتى خواطر نفس ،،، هو أي شيء ... ظلم فادح أن يكون لدينا كفتان كفة بها فن ملتزم وأخرى بها ما نراه حاليا على القنوات الغرائزية ... ولا يرفع الظلم أن نسمي هذا انشادا وهذا غناءا فكلاهما من دروب الفن ... ما نقدمه إن كان يرتقي بالانسان ويشحذ حواسه ويرفع مستوى الشعور بالجمال ويغذي روحه سموا للوصول إلي أعلى المراتب ، فذاك هو الفن والغناء والانشاد والإبداع وكل ما تسمونه ... وما يقدمه الآخرون .. عليهم هم أن يجدوا تعريفا له ... حرام أن يوضع الإنسان الفنان الملتزم في إطار محدد نسميه إنشادا ويطلق للآخرين العنان وهم لا يطاولون شبرا في قامات الملتزمين موهبة وفنا ونقول في النهاية أن هذا لونا من ألوان الفن يسمى “غناءا” ... كلا وألف كلا ........ قديما كنت أشارك في مسرحية وكتب عنها ناقد فني معروف ، وكان قد اعتزل النقد منذ فترة ، إلا أنه كتب عنها نقدا لاذعا ... وحين جمعنا لقاء ذات مرة ... عاتبته بلطف على نقده اللاذع علي اعتبار أننا فن إسلامي لا يجب أن يقارن مثل الآخرين ... ففاجأني بأن نهرني بعنف ... قائلا وأرجو ألا تخني الذاكرة ... إنني أشكرك أن "فتحت نفسي" مرة أخرى للنقد ، فقد قدمتم فنا يستحق أن ينقد سلبا أو إيجابا ، أما الآخرين فلم أر فنا أساسا حتى أنقده !!!
جزئية أخرى أيضا في هذا السياق ، لاحظت من الأخوة والأخوات أنهم في إطار التصنيف والتقسيم بدأوا يضعوا مواصفات للمؤدين أنفسهم ، من منهم يصلح أن نطلق عليه منشد ومن منهم يصلح أن يكون مغني ... واسمحوا لي – رغم عدم إيماني بالتصنيف والتقسيم – أن أمارس نفس الطريقة على الجمهور ... نعم فالعملية الفنية لا تستقيم بطرف واحد ، فهي طرفان ، مرسل ومستقبل ، أما المرسل فقد قتلناه بحثا ، فماذا عن المستقبل ؟ وهل استطاع المستقبل أن يرتقي بوسائل استقباله حتى يكون هو كذلك من جمهور الإنشاد وليس من جمهور الغناء (بالتعريف المتوارث الذي استقر عند الناس ) ؟
هناك ظواهر متعددة بدأت تشككني في هذا الأمر ، الذي يجمع كلا الطرفين المرسل والمستقبل هو مبدأ أن الفن خادم للفكرة التي هي في المقام الأول وأجمل من عبر عنها في رأيي كان الصحابي الجليل والجندي البسيط الربعي بن عامر حين قالها "أتينا لنخرج العباد من عبادة العباد لعبادة رب العباد ومن جور الأديان لعدل الإسلام ومن ضيق الدنيا لسعة الدنيا والآخرة " ، إذن فالمفترض أن هذا هو ما يجمعنا كفنانين وجمهور ... الفنانين قاموا بدورهم فاجتهدوا في اختيار الكلمات والألحان والكليبات حتى صاروا روادا ... فماذا عن الجمهور ؟
عندما أري النزاعات بين فصائل من الجمهور حول شخص المنشد الفلاني أو المنشد العلاني أتعجب ، أليس كلاهما من حاملي الرسالة ؟ أليس معيار تمكنهم هو قدرتهم على توصيل الرسالة ؟ أم أننا نتعلق بالأشخاص ... هذه أحد الفروق الهامة بين جمهور الغناء وجمهور الإنشاد ، عندما أري التعصب يكاد ينضح من كتابات بعض المعجبين والمعجبات بهذا أو ذاك أقول في نفسي ما الفارق الذي أحدثناه بين الجمهور ، فالآخرون يتعلقون بالمغني لشكله أو لحركاته والقليل منهم لموهبته ، أما نحن فهناك بالطبع مكان للموهبة والإبداع ، لكن لدينا كذلك معايير أخرى وفي النهاية لا يصلح أن نقلل من حجم أيا منهم لمجرد حبنا لنجمنا المفضل
نحن نريد إعادة النظر في طريقتنا في التعامل مع هذا الفن برمته ... مبدعينا فنانين وكل من يسير في خطى الارتقاء بالانسان نحو السمو فهو فنان ، وما غير ذلك ليس فنا وغناءا ولا غيره ، والفنان لا يفترق عن جمهوره ، فإذا أردنا لهذا الفن أن يرتقي فلابد أن يرتقي الطرفان ... الفنان ... والجمهور ..
و الآن أنتظر آراءكم و نظرتكم لهذا الموضوع ..و هل أطلعكم هذا الموضوع على امور جديدة يمكن أن تكون بداية لتغيير جذري في حياتكم ...
و في النهاية تقبلوا تحيات النقاء